معشر القراء الكرام.. لا يخفى عليكم ما للكلمات والمحاضرات من دور بارز في الدعوة إلى الله.
وقد كتبت مجموعة من الهمسات للمبتدئين أمثالي في إلقاء الكلمات الدعوية، هي من خلال تجربتي المتواضعة ومن كلام الإخوة ومن حضوري لبعض الدورات التدريبية، أراها مفيدة لي ولعلها بإذن الله تكون مفيدة لكم ، أترككم مع الهمسات :
1. أعظم مطلب في هذا المجال هو الإخلاص لله عز وجل ، فلا تبدأ لأجل أن تصل لشهرة أو لأجل أن يقال عنك شيخ أو ملقٍ بارع ، وإنما ألقِ الكلمات بإخلاص ليكون لك في الآخرة الخلاص ، واحرص على سلامة منهجك بطلب العلم و الرجوع للكتاب و السنة و اسأل ربك التوفيق .
2. ضبط العلم و تمكنك منه يعطيك ثقة في نفسك تجعلك تبدع في طرحك للكلمات فالاستعداد مطلب للانطلاق .
3. الدعوة ليس لها عمر معين ، فبادر إن وجدت في نفسك القدرة و الكفاءة ولو بالقليل قبل أن تفوت الفرصة فتندم ، وأذكر أن صاحباً قال لصاحبه : لا تتعجل في الدعوة فعمرك صغير ! فقال له صاحبه وما هو السن المناسب برأيك ؟ قال : بعد الأربعين ، فقال صاحبه : موافق ولكن بشرط أن تضمن لي العيش حتى ذلك السن !.
4. الخذلان أيها المبارك أن تطلب العلم في المساجد أو تتخرج من كلية شرعية فيراك الناس داعية و يتلهفون لك ثم يكون لسان حالك : نفسي نفسي !
5. لا تجعل نفعك يقتصر على مسجدك أو مدينتك ، بل اذهب ذات اليمين وذات الشمال ، اذهب للقرى ، سافر لمدن أخرى ، فأهل مدينتك مهما كنت مبدعاً سيزهدوا بك أحياناً ، فالناس تحب التجديد وكما قيل ( أزهد الناس بالعالم أهله ) و ( زمار الحي لا يُطرب ) و الواقع شاهد بذلك .
6. نسمع بدورات (فن التسويق) و(فن الإدارة) والداعية أحوج ما يحتاج إلى مثل هذه الفنون في الدعوة ، فالدعوة بضاعة ، أسلوبك يحدد انتشارها من عدمه ، فاحرص على تطوير قدراتك ومهاراتك و أساليبك ، فحضورك لدورة تعينك على الدعوة هي من الأمور التي تؤجر عليها .
7. إتقانك لفنون الإلقاء تعني نجاحك بإذن الله ، فالدعوة أسلوب ولكل مقام مقال ، فرفع الصوت و خفضه وحركات الوجه و اليدين كلها أمور يجدر بالداعية إتقانها إما بحضور محاضرات دورات أو سؤال المبدعين في إلقاء الكلمات .
8. راقب الناجحين في دعوتهم و في كلماتهم ، فهم لم يأتوا بشيء لا تستطيع أنت فعله ، قلدهم واستفد منهم و جدّد و أبدع ، ولتكن لديك قاعدة : فما تراه حسناً من الدعاة خذه و ما تراه سلبياً اجتنبه .
9. لا يكن همك كم عدد الحضور ، فالكثرة ليست معياراً ، و إنما العبرة بإحياء مجلس ذكر ولو كان الحضور قليلاً .
10. كن ذا علاقة جيدة مع الناس ، كوّن علاقات و اكسب صداقات ، فكم من داعيةٍ كانت له صداقات مع الإخوة ففرقتهم الدنيا في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب ، فكانوا سبباً في التنسيق معه من تلك الديار ، التي لم يكن ببال الداعية الذهاب لها يوماً !.
11. لا يكن همك لبس العباءة ( البشت ) في كلماتك و خاصة أنك في البداية لأنه يجعل في النفس شيء ، لكن إزهد و تواضع فالعبرة بالقلوب لا بالمظاهر ، فالناس تنتقد ذلك ، وكم رأينا من العلماء من لا يلبس البشت تواضعاً و شباباً للتو بدؤوا الدعوة لا تفارقهم عباءتهم !
12. احرص على مواعيد كلماتك و احمل معك مفكرة لتدوينها و إياك و كثرة الاعتذار ، فكم من داعية سقط من أعين الناس لإخلافه الموعيد .
13. احرص على على الاعتذار مبكراً في حال عدم مقدرتك على الحضور ، و اشكرهم على حسن ظنهم و عدهم بتعويضهم في أقرب وقت .
14. كن مهذباً في ردودك معهم و موافقتك أو اعتذارك و اجعل الفضل لهم و ادع لهم قبل الأمر و بعده .
15. لا تنتظر من ينسق لك حتى تلقي ، بل بادر و استأذن من الإمام فإن أذن لك و إلا فالتمس له العذر .
16. لا تطل على الناس بكثرة الحديث و إنما أوجز ولتكن الكلمة من 5 - 8 دقائق ، وإن اضطررت فلا تزد عن عشرة دقائق و ادع لهم في النهاية ولمن أتاح لك الفرصة .
17. تقبل النقد البناء من الآخرين و استفد منها ، وقد كتبت مقالاً سابقاً بعنوان ( شكراً لانتقادي ) تكلمت فيه عن هذا الأمر .
18. لا تُغفِل فقه الأولويات ، فإن كنت إماماً فرتب أمورك مع الكلمات دون تفريط بالمسجد لأن الإمامة مقدمة .
19. ربما يفضل في بدايات الإلقاء أن تتخير المساجد التي لا تُعرَف فيها و يقل عدد المصلين بها حتى تتدرب و تجتاز رهبة الإلقاء .
20. ربما يأتيك بعض الناس ليستفتيك فإياك و الفتيا في أمر تجهله و لا يفتننك الشيطان ، وإنما قل : لا أدري .
21. إسأل عن الموضوع الذي يهم أهل الحي أو عن آخر كلمة ألقيت عندهم حتى لا تقع في التكرار .
22. اجعل في صدرك ومحفوظك مجموعة من العناوين التي تستحضرها وقت الحاجة مثل : الصلاة ، الاستغفار ، التوبة ، صلة الرحم .. إلخ بحيث تكون مستعداً في أي وقت .
23. ربما تكون مقصراً في عبادة فتقول كيف أنصح الناس وأنا مقصر ؟! .
فالجواب : وهل في الناس من ليس مقصراً ؟ يقول الشاعر : لو لم يعظ في الناس من هو مذنبٌ : فمن يعظ العاصين بعد محمدِ ! فربما لم يفتح الله عليك بقيام الليل لكن يجعلك سبباً للفتح على آخرين ، وعليه فقس ، لكن أن تكون مقصراً في التبكير للمسجد مثلاً و تلقي على أهل مسجدك عن التبكير فهذا خطأ ، وإنما عالج نفسك ثم عظ غيرك ، أو اذهب لمسجدٍ آخر و لتكن نصيحة ً لنفسك أولاً ثم لهم .
24. أطلب من الإمام أن يتلو آيات معينة لها صلة بموضوعك ثم علق عليها في كلمتك .
25. ليست العبرة بفصاحتك ، فلربما تكون عند عوام لا يفهمون بعض الفصيح ، فتنزل لهم وخاطبهم بعقولهم ولو بالعامية فلكل مقام مقال .
26. حين تعطي مواعيداً فحاول أن تتواجد في المكان مبكراً أو أن تفرغ نفسك و تذهب قبل الموعد ، و جميل أن تكون مع الأذان أو قبله في المسجد ، فهذا له أهمية في الارتياح النفسي و التهيؤ لإلقاء الكلمة .
27. خذ معك بعض الأحيان مبلغاً من المال أو بطاقات اتصال مسبوقة الدفع ( سوا - موبايلي - زين ) أو مما يخف حمله ، و اسأل الأطفال والشباب في نهاية الكلمة وكافئهم وسترى للكلمة تأثيراً ، وقد جربتها فوجدت لها قبولاً و أثراً نافعاً بحمد الله .
28. الكلمة لها سماتها و الخطبة لها سماتها فانتبه .
29. إن كنت حسن الصوت فرتل الآيات في الكلمة فإن لها وقعاً في النفس .
30. تجنب القصص التي لا يصدقها كثير من الناس وكأنها خيال ، لئلا يكذبك الناس ، و احرص على ما تقبله العقول .
31. لا تنزعج من انصراف الناس عنك و قيامهم أو قيام الإمام ـ مع أن الأولى جلوسه إكراماً لك ـ لكن ربما يكون منشغلاً و كذلك الناس فلا تيأس ، إلا إن أطلت وأمللت فلا تلم الناس .
32. اتق الله حين تتصل بك النساء لتنسيق محاضرة أو استشارة ، و احذر من أن تزين لها الكلمات و الدعوات ، فكم سمعنا من أخواتٍ فاضلات تعلقن بدعاة و السبب انبساطهم بالأسلوب معهن ، فلا تكن عوناً للشيطان على أخياتك .
ختاماً أسأل الله أن يجعلنا و إياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الكاتب: عبد الرزاق الشمري
المصدر: موقع يا له من دين